ضحايا التكتيك الحديث- هل انتهى عصر صانع الألعاب رقم 10؟

المؤلف: محمد المطيري10.29.2025
ضحايا التكتيك الحديث- هل انتهى عصر صانع الألعاب رقم 10؟

مع التطور المتسارع الذي تشهده كرة القدم الأوروبية، واعتماد التكتيكات المعقدة التي تقتضي قيام كل لاعب بأدوار متعددة في الخطط الهجومية والدفاعية، وجد بعض اللاعبين أنفسهم ضحايا لهذا التطور، وذلك لعدم تمكنهم من إتقان الأدوار الإضافية المطلوبة بالإضافة إلى أدوارهم الأساسية التي يبرعون فيها.

-

من بين هؤلاء الضحايا يبرز اللاعب رقم 10، الذي يشغل مركزًا خلف مهاجم فريقه في وسط الميدان، ويشتهر بكونه الأكثر مهارة في صناعة الهجمات وامتلاكه للحلول الفردية المتنوعة، من تمريرات دقيقة وتسديدات قوية ومراوغات بارعة، خاصة في فترة ازدهار كرة القدم اللاتينية على مستوى المنتخبات والأندية في القرن الماضي وبداية القرن الحالي.

-

في الوقت الراهن، قلما نجد لاعبًا رقم 10 يضاهي الأرجنتيني خوان رومان ريكلمي أو الكولومبي فالديراما في الأندية التي تعتمد على كرة القدم الحديثة، وذلك لأن أدوات صناعة اللعب أصبحت موزعة على لاعبي الأظهرة والأطراف وكذلك المهاجم، بالإضافة إلى افتقاد اللاعب رقم 10 للأدوار الدفاعية التي يعتبرها الفريق الحديث ضرورية وأساسية.

-

في عالم كرة القدم المعاصر، أصبح اللاعبون في مختلف المراكز يلعبون كمنظومة متكاملة في الخطط الهجومية، وتتنوع مصادر صناعة اللعب في الفريق الواحد، فهناك الهجوم عن طريق العمق الذي يستلزم وجود لاعب ارتكاز يجيد التمريرات الحاسمة القصيرة أو الطويلة، أو يتقن التمريرات القطرية للأظهرة والأجنحة، بالإضافة إلى الهجوم من جهة الأطراف لخلق هجمة واعدة ومثمرة.

في تكتيك دفاع المنطقة على سبيل المثال، نرى هؤلاء اللاعبين الذين تفوقوا في اللعب الهجومي وهم يؤدون الخطط الدفاعية بإحكام وتنظيم، حيث نجد لاعب الارتكاز متمركزًا في منطقة الجزاء أمام دفاع فريقه، وبجواره الظهير والجناح اللذين ساعداه في اللعبة الهجومية.

وبفضل تكتيك الضغط العالي، نشاهد لاعبي الفريق بقيادة المهاجم وهم يضيقون الخناق على الخصم، مع تقدم لاعبي الدفاع لخلق نطاق ضيق يصعب على الخصم تمرير الكرات وبناء هجمة خطيرة.

كرة القدم الحديثة لا تعترف إلا باللاعب الذي يتمتع بأكبر قدر من المزايا والتنوع في التكتيك وتشكيلة الفريق.

-

لدينا مثالان واضحان على تخلي الأندية عن اللاعب رقم 10 الذي تقتصر أدواره على الجانب الهجومي دون المشاركة في المهام الدفاعية.

المثال الأول هو صانع ألعاب أرسنال السابق، مسعود أوزيل، الذي صنع 146 فرصة لزملائه في 35 مباراة خاضها، وفقًا لبيانات أوبتا، ولكن منذ ذلك الحين بدأت إنتاجية اللاعب تتراجع بشكل ملحوظ، واتضح أن هذا المركز لم يعد فعالاً كما كان في السابق.

أما المثال الثاني فهو فيليب كوتينيو، اللاعب البارز في تشكيلة ليفربول الإنجليزي، الذي فقد بريقه وتألقه عند انتقاله إلى فريق برشلونة الذي يعتمد على كرة قدم حديثة ولا يولي مركز رقم 10 أي أهمية في خطة 4-3-3، ويعزى هبوط مستوى كوتينيو إلى افتقاده للاعبين البدنيين الذين يغطون أدواره في الشق الدفاعي، مثل زملائه في ليفربول جوردان هندرسون ومينلر، وهو نفس السيناريو الذي مر به جيمس رودريغيز مع ريال مدريد وبايرن ميونخ، بل إن زميل جيمس في الفريق البافاري، جوشوا كيميتش، كان اللاعب الأكثر صناعة للفرص والأهداف في فريقه على الرغم من أنه يلعب كظهير أيمن ومحور ارتكاز.

هذه إشارة واضحة إلى أن اللاعب الأكثر تعددية وإجادة للأدوار هو الأجدر بالمشاركة في أندية كرة القدم الحديثة.

-

يقول مدرب ليفربول الإنجليزي، يورجن كلوب: «لا يوجد صانع ألعاب يمكن أن يكون جيدًا ما لم يكن بارعًا في استعادة الكرة».

كان حديث يورغن دقيقًا في انتقاده لصناع اللعب في الماضي، فمن الناحية التكتيكية، أصبح اللاعب رقم 10 عبئًا على الفريق لأن دوره الدفاعي يكاد يكون معدومًا.

-

وهناك تصريح من المسؤول في شركة 21st club المتخصصة في تصنيف وتحليل اللاعبين، عمر شودري، الذي صرح قائلاً: «عندما ننظر إلى 500 لاعب في إحصائياتنا، فإن نسبة صنّاع اللعب تتقلص باستمرار منذ عام 2013».

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة